لقد كانت زيارتي الأولى إلى بلغاريا للعاصمة صوفيا سريعة ولعدة ساعات فقط قبل الانتقال إلى مكان إقامة ابن شقيقي في مدينة بلوفديف والذي استقبلني في المطار في ساعات العصر بعد قدومي من اثينا العاصمة اليونانية حيث كنت هناك في جولة سياحية فاستغليت قربها الى بلغاريا لزيارتها أيضاً.
بعد الوصول تجولنا في شوارع صوفيا لإلقاء نظرة على ما يمكننا أن نشاهد في هذه المدينة في وقتٍ محدود وقصير، وبالتأكيد لا بُدّ من التقاط الصور لأهم معالمها وأكثرها شهرة وهي كنيسة القديسة صوفيا ، تعتبر الكنيسة ثاني أقدم كنيسة في العاصمة البلغارية، بُنيت في القرن السادس الميلادي وسُميت مدينة صوفيا بإسمها في القرن الرابع عشر، وكانت المدينة تُعرف سابقاً بإسم (سيرديكا).
وصلنا ليلاً إلى مدينة بلوفديف بعد السفر لمدة ساعتين بالسيارة , وبالطبع كأي بلد ازورها لأول مرة ابحث دائماً عن الأماكن التي تستحق الزيارة فيها ، قمت بعمل قائمة لبعض الأماكن قبل أن أخلد إلى النوم استعداداً لأول يوم لي في المدينة.
استيقظت باكراً مع فنجان قهوتي الصباحي وبدأت جولتي في المدينة بالقرب من المنزل حيث أن موقعه كان قريباً من وسط المدينة مما ساعد في استكشافها مشياً على الاقدام و هي الطريقة التي أُفضلها.
بدأ اليوم بزيارة حديقة عامة في المنطقة معروفة بعدد نوافير الماء فيها و ذلك بسبب كثرة الماء في بلغاريا التي تعتبر من أكثر الدول الغنية بالماء بسبب كمية الامطار التي تهطل عليها، ومن الاشياء الموجودة هناك نافورة ماء من المفترض أن تكون راقصة، انتظرت بالقرب منها نصف ساعة ولكن تبيّن لي انها فقط تنثر الماء بشكل عامودي وليس لها أي علاقة بالرقص !.
تجولت في الحديقة واكملت مسيري إلي مركز المدينة, في المركز هنالك الشوارع القديمة و المحال التجارية و عدد من المباني القديمة منها الاسلامية التي بقيت من فترة الحكم العثماني، لكن للأسف فإن المدينة لم تأخذ حقها سياحياً حيث أن عدد زائريها قليل نسبياً فمعظم من في المدينة هم من المحليين لذلك لم يكن هناك عدد كبير من الناس في المدينة وخاصّة ًبسبب زيارتي في موسم الصيف حيث أن الكثير من الناس يذهبون في رحل سياحية خارج المدين ، و مع ذلك فإن للمدينة رونق خاص من الحياة و الهدوء الجميل
على الرغم من ضعف اللغة الانجليزية في بلغاريا بشكل عام إلا أنني تفاجئت خلال جولتي بلوحة جميلة مليئة بالألوان كُتب عليها باللغة الانجليزية ما معناه أن بلوفديف عاصمة الثقافة لعام 2017، هذه المدينة الصغيرة المهمّشة سياحياً حازت على هذا اللقب الكبير و هذه دلالة على أن الثقافة ليست حكراً لمنطقة او لغة أو قوة اقتصاذية معينة في أي مكان من العالم
وبالطبع فإن الحضارة الاسلامية و العثمانية بشكل خاص حاضرة بقوة في هذه المدينة فنجد الحمام التركي القديم الذي لا زال يعمل حتى يومنا هذا، كما تتواجد المقاهي التركية و الأهم هو وجود المسجد الاسلامي العثماني الذي لا يزال يرفع أذانه و يقيم الصلاة في وسط المدينة ، الأجمل أن الناس يذهبون للصلاة مع وجود حرية العبادة لكل الاديان والطوائف.
هناك تجد ايضاً مضمار السباق و المبارزة على الخيول الرومانية القديمة والذي يظهر ما تبقى منها تحت الارض مع وجود شرح لما كان عليه المكان قديما، هنا لم يعد الاستغراب بسبب حصول هذه المدينة على لقب عاصمة الثقافة مسموحاً، فمدينة تحتوي على هذا التنوع الثقافي الواضح لأي زائر لا بدّ ان تحصل على هكذا تقدير.
لا بد أيضاً من جولة في الجبال الخضراء, لذلك في احد الايام بحثت عن رحل للمشي و التسلق فوجدت احد التطبيقات على الهاتف والذي يريك الفعاليات التي حولك في البلد الذي تتواجد فيه، وجدت أحدهم يعلن عن رحلة في جبال سمولين، لم اتردد في الاشتراك بها، في اليوم التالي تم التواصل معي من قبل المرشد للرحلة و كانت الرحلة خاصة بي فقط ، اصطحبني بسيارته إلى المدينة المجاورة والتي تبعد عني ما يقارب الساعتين ، المنطقة المتوجهين لها تسمى واد الشلالات و استمدت هذا الاسم من عدد الشلالات الموجود في المنطقة وعددها 46 شلال,استمرت الجولة لمدة 4 ساعات من المشي داخل الجبال و بين الشلالات الرائعة، كما يوجد خلال المسير مناطق مخصصة لأخذ الصور للمشاهد الرائعة لطبيعة الجبال والمياه , لم أشعر بأي تعب ابداً طوال الساعات الاربعة من روعة ما اشاهد والهواء النقي الذي نستنشقه خلال مسيرنا.
بعد العودة من الجبل توجهنا الى منطقة برج التلفاز الموجود في اعلى نقطة في المنطقة والذي ييبلغ ارتفاعه 2000 متر عن سطح البحر في منطقة يطلق عليها (زنيزانكا) أي الثلج الابيض في اللغة البلغارية لاكتساء المنطقة بالثلوج معظم ايام السنة كما انها معروفة برياضة التزلج على الثلج
رحال